عذرا يا وطن
ماذا غنمنا من 20 سنة من الانحراف عن المسار الديمقراطي؟
لا نحن تمسكنا بما خططه جيل الاستقلال ، و لا نحن طبقنا
الشرائع بل... حكمنا فينا قانون الغاب الذي تمارسه الوطاويط في جحورها بعد ما
أجهزت على الحريات و انبطحت أمام إملاءات الخارج الطامع الذي استلم كل شيء و لازال
يحاول شراء الذمم و تقنص ما تبقى من الحريات الروحية. كنا نعتقد أن المادة تكفيه و
لكننا أخطئنا في الحساب لأنهم يريدون
استعمارا هادئا برضى النفوس ويجلب الطمأنينة. هكذا تسير الأمور بالمنطق الذي يمليه
حكم العقلية " المغتربة" انا لست من أصل محلي لذلك أستحق أن أحكمك"
.
" انني ضحيت بالأكل و الملبس حتى يتعلم ابني و يصبح أفضل منى"
في غاب التربية و التعليم الذي تحول للبزنس – فهم الشباب
قبلنا كيف تسير الأمور فصاروا يدرسون
بطريقة " متعولمة " جدا. منذ سنة خلت تحدثت مع شخص يحمل رسالة دكتورا
دولةعاد لتوه من الغرب و أراد فتح مدرسة خاصة لتحسين المستوى . استمعنا اليه- مع
مجموعة من الأساتذة لمدة نصف ساعة متعطشين لنهل العلم- و لكنه تحدث كثيرا عن التصحيح الذي سيجريه على
المدرسة و قال انه سيغير النظام و التوقيت و سيرفع الأسعار . ..لمواكبة حوائح
المدرسة و جعلها أكثر عصرنة و تجهيزا . الذنب ليس ذنبه بل العولمة الغابية . فكرت
في الأولاد لأنني أعرف كم تعاني الأمهات لتغطية التكاليف ( قالت و احدة منهن انني
ضحيت بالأكل و الملبس حتى يتعلم ابني و يصبح أفضل منى). ما تركوا شيئا للناس الا و
أثقلوه و جعلوه صعبا المنال. و لأنالشعبية لا تصلح اليوم في العولمة
فربما قد تبدو المسألة مبالغ فيها. تبا
لهؤلاء المغتربين الحاملين للشهادات عندما يعودون بقلوب جافة و أفكار غريبة في
البزنسة. أن ابن هذه السيدة ينتمي الى طبقة اجتماعية فقيرة لا يقدر على الرشوة
الكبيرة التي تضمن له التلاعب بالنقاط و بشهادة الكثير منهن- هذه تجارة جديدة
انتشرت حسب شهادتهن- و بالدليل في أوساط كثيرة الا من رحم ربك. الكثيرين من
التلاميذ مروا مرور غير كريم ينقاط مزورة .
لماذا لا يزورون النقاط في بلد كل شيء فيهيزور بالمال- بدءا بالانتخابات؟
(عن الغش) من نقل انتقل و الوشاية تكسب النقاط
الشبانفهموا الدرس في البزنس. ماذا تعلموا داخل صفوف
المدرسة و ماذا تعلموا خارجها ؟ لأننا ننسى أن أنكر الأشياء التي يتعلمها الشباب و أثقلها وزنا يتم تعلمها خارج القسم و ليس فى الداخل.
الغش و التدليس . هذا المبدأ الذي كرسته الانتخابات منذ عقود.كم من مرة أجرينا
انتخابات نزيهة في حياتنا؟ لقد اشتهرنا بالتدليس و الغش. الشباب تراهم هم من فضح
الموقف في نكتة " يقال أن حكومة افريقية ...طلبت من الفريق الجزائري... تنظيم
انتخاباتها". ألم تنهار قيمنا عندما اصبحت المنهجية ترتكز الى مبدأ
"التعليم يستند على قدرات التلميذ و معرفته" مما ألغى دور الأستاذ الذي
أصبح يواكب التغيرات و لا يديرها. و لا يفهم حتى البرامج المرتجلة التي قدمها فريق
التربية لمواكبة العولمة و الانبطاح لعقود طويلة دون يرفاقها ببرنامج تطبيقي و تدريبي
لمساندة الاستاذ. أيعقل أن يدرّس الاستاذ مادة
برنامج لا يتمكن منه أصلا ؟ و الله لقد شهدت تخبط مدرسين في مادة الرياضيات
بشكل مخزي حتى أنهم يلجؤون الى طرق الانترنت و لا يتقنونها –فأصبح الأمر كارثيا.
هكذا تذهب الثقة العلمية و يلجأ الجميع الى الطرق الملتوية الطازجة.
المال و التشيبة ( الرشوة) سبل مختصرة للوصول الى الشهادة
اذا كان بيتك من زجاج فلا تلقي الحجر علي الآخرين
تعلمنا من الأطفال و الشباب ما يلي:
- ابناء الأساتذة
أقرب للشهادات...من حيث الباب الإداري.
- من باع بلده- البياع أو البايوع في العامية- يرقى في الأسباب و من يخلص لوطنه يعش بليدا تعيسا.
- الثورة حقا يخطط لها الأبطال و يرث مكتسباتها الجبناء.
- للأساتذة حق في الضغط على الوزارة لتحسين مستواهم
المعيشي و للتلاميذ و الطلبة الحق في الضغط على الجميع لاختصار البرامج و الصعود
للجامعة بأقل جهد و علم زهيد. و لا " تطلبوا العلم و لو في الصين " لأن
الصين في كل مكان.
خلاصة وأسئلة
انهار المستوى العام في المجتمع بسبب انتشار هذا الشكل من المقايضة . و انتشر
العنف في الشوارع بسبب التسرب و الفشل المدرسيين و آخر القرارات بتنظيم السوق
الموازية والذي سيخدم لا محالة التجار
الكبار و مصالح الضرائب و لن تخدم
العاطلين الذين يسعون في التجارة لعيش كريم .و برامج التكوين الموازية للتعليمنجحت و لكنها لم تكفل جانب التشغيل و لم
تخلق متابعة ا و استمرارية. فعالم الشغل عالم رهيب يعج بالمحسوبية و الغش في مجال التوظيف ( و هذا مسألة أخرى...) وهو مصدرلكل
الآفات: قلة العلم و الدين و انعدام الصبر على الفقرو انتشار المحسوبية و الرشوة و
شراسة الطبقة الجديدة التي أفرزتها الحرب على المتدينين لمدة عقدينعندما عوملوا كإرهابيين
و أصبحوا غرباء في أوطانهم .فبعد سنوات الدم و الدمار هناك من يتحكم فينا في
الدواليب الخافية.ان انتشار الرذيلة و المحسوبية و الرشوة و الغش على كل الأصعدة
أمر لا يخفى على عاقل. و المشكلة لم تحل لأن من تسبب فيها- النظام- لا يمكنه أن
يجد لها حلولا، و ربما يرى انه من الأفضل ابقاء الأمور على حالها او ربما قد اجتهد في تدارك الأمور و لم يصب.
عشرون سنة من الانكار و الدمار حتى اصبحنا عرضة للإهانة
لدى المستعمرين القدامى و لتطاولهم على تاريخنا و طرق معيشتنا لأنهم يعتبرون أن
عيوبنا أكثر من عيوبهم . في حين أنهم أكثر ظلالة دينا و سلوكا من حيث الاستدمار و
الاعتداء على الشعوب و الأوطان . رغم ان أكبر عيب فينا – هو مسايرتنا لبعض
الظالمين بقصد و نية انقاذ العلم و الحدود الجغرافية. ربما نجحنا كمجتمع في التحكم
في نفوسنا و عدم الانبطاح، و لكن هذا لا يكفي لبناء متين و دائم .لأننا فشلنا في
كل شيئ: التعليم و الرياضةو الاقتصاد...
كيف نطلب من المراهقين و الأطفال أن يحبوا العلمو المطالعة بينما عجزنا عن الحد من الفساد الذي نشره الأرذال
و الدخلاء وهم اليوم يكرسونه
في مبدأ " الشكارة- التشيبة–المعريفةالتى
هي المحسوبية عندنا"و البزنسة بالوطن و بالدين و بحقوق
الناس؟
هذا ما سنورث الأجيال اذا تفاقمت الأحوال، إن لم نكن قد
فعلنا.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Le bien fondé est bien venu.